الفرق بين الحضارة الأوروبية والحضارة الأمريكية
المذيع: كأنك تشير إلى أن هناك فروقاً بين حضارة أوروبا الاستعمارية مثلاً، وبين الحضارة الأمريكية في هذا الزمان، ما دمت تقول: بأن تلك أشرس في الحقيقة من هذه الهجمة في تقديرك، فكأنك تشير إلى فروق بين تلك وتلك؟
الشيخ: نعم. في الحقيقة الحضارة الغربية ككل حضارة وثنية، بنيت على الوثنية الإغريقية، الحضارة اليونانية الإغريقية إنما بنيت على مخلفات الوثنيات الشرقية القديمة، أو حتى الوثنية لم تأت بجديد في الواقع، المهم أن الحضارة الغربية وثنية وفيها عنصر أقره واعترف به المفكر الأمريكي المشهور تشومسكي الحضارة الغربية لا تخلو أبداً من الوحشية والعنف، وما الحكم على الحضارات الأخرى بالبربرية إلا نوع من الإسقاط، كما يعبر عنه العرب: رمتني بدائها وانسلت.
الحضارة الأمريكية لها ميزة، يجب أن نفرق بينها وبين الحضارة الغربية، فينبغي أن نفرق بين نوعين: الحضارة الغربية، الحضارة الغربية الشرقية هي تقريباً عبارة عن حضارة أرثوذكسية، مذهبها الدين الأرثوذكسي، وهي أيضاً حضارة ثلاثية من حيث العرق، وهي التي تقريباً انتشرت فيها الشيوعية، أوروبا الغربية نفس العرق؛ لكن الحضارة هي حضارة كاثوليكية، ثم بين كاثوليكية وبروتستنتية، وهي التي تمثل نموذج الديمقراطية العلمانية في الغرب، والحضارة الأمريكية تختلف حتى عن هذين النوعين.
باختصار شديد: الحضارة الأمريكية قامت على نوعين من البشر متباينين جداً، ولذلك نحن نرى الآن أمريكا متباينة جداً، وهذا من الحقائق التي يجب أن تعلن عن أمريكا، نوع كانوا الهاربين من الأحكام، المجرمين الفارين بدمائهم، الذين تطالبهم العدالة، وهؤلاء هم الذين ارتكبوا المجازر الوحشية هناك وهربوا، وهم أشرس الناس إجراماً، النوع الآخر: المهاجرون بدينهم من الاضطهاد، وبالذات منهم ومن أبرزهم: الجماعة الموحدة، التي كانت ترفض التثليث وعذبت في أنحاء أوروبا .. والرهبانيين .. إلى آخره.
كلا المجموعتين تعايشتا في أمريكا وانصهرتا وأصبحتا تشكلان مجتمعاً أمريكياً ربطته المصلحة، لكن لا يزال تأثير الماضي في المؤامرة وحب التسلط، وأخذ حق الغير، ثم النظرة الاستعلائية، يذكرون أول مستعمرة أنشأت في أمريكا رآها أحدهم فقال: لن تشرق الشمس على بقعة في الدنيا أفضل وأجمل من هذه البقعة، يعني لا بالمعايير الدينية ولا.. فنشأ هذا العجب وأدى إلى نوع من الطغيان، وهذا الكبر والغرور هو ميزة كل الحضارات البعيدة عن الله تبارك وتعالى..
المذيع: لدينا اتصالات، اتصال من الدكتور عمر العمودي من السعودية، أهلاً ومرحباً بك يا دكتور!
المتصل: مرحباً! فضيلة الدكتور سفر نحبكم في الله يا طويل العمر! سمعنا عن الحملة المباركة التي انبثقت من رحاب هذا البلد الطاهر لمقاومة العدوان على الأمة الإسلامية والعربية، اطلعت حقيقة في الانترنت على كثير من المؤسسين المشاركين فيها من علماء الأمة ومثقفيها من تقنوقراط وأساتذة جامعات ورجال أعمال وغيرهم كثير، الحقيقة مثل هذا الجهد جهد مبارك، وإن كان يأتي -للأسف- في مرحلة متأخرة، لكنه حقيقة يمثل انعطافاً مهماً جداً في تاريخ الأمة، الكل يعلم مقدار وحجم الهجمة الصليبية الحاقدة على عقيدة الأمة، وتراثها الإسلامي الحضاري الثقافي، الوقوف ضد هذه الهجمة هو عمل مشروع للدفاع عن النفس، والمال، والعرض، والوطن، والجميع على كل المستويات -حقيقة- يتوق للمشاركة في رفع العدوان والظلم عن هذه الأمة.
لذا حقيقة يا سماحة الشيخ! أريد منك كلمة توجيهية لجميع الغيورين من أبناء هذه الأمة، وعلى وجه الخصوص المثقفين والتقنوقراط، الذين تعلموا في الغرب وعرفوا القوم، نريد تحديداً ما هو المطلوب منهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ هذه الأمة. وجزاك الله عنا ألف خير.
المذيع: اتصال آخر من الأخ أحمد فايز من السعودية، أستاذ أحمد أهلاً ومرحباً بك.
المتصل: أهلاً وسهلاً، السلام عليكم، تحياتي للشيخ سفر، ألا ترون يا فضيلة الشيخ! أن التدخل السافر في الأيام المقبلة يتعدى التدخل العسكري إلى التدخل الداخلي، عبر التغييرات الثقافية من خلال الضغط على الحكومات، كقضايا المناهج التعليمية، وكقضايا المرأة وغيرها، فهل يمكن أن نسبق بطرح مشروع إصلاحي نتفق على أهدافه وإن اختلفنا في وسائله، عبر مرجعية تقنع العاملين في حقل الدعوة.
وكثير من الناس يتساءل يا فضيلة الشيخ! عن دور المسلم العادي، والدور المناط به، وما يقوم به مع العلماء والمشايخ الأفاضل كأمثالكم، نسأل الله أن يبارك في هذه القناة وبرامجها...
المذيع: شكراً أستاذ أحمد، الحقيقة أنت والدكتور عمر أشرتما إلى موضوع هو من ضمن ثنايا الحديث الذي سوف نتطرق إليه مع الدكتور سفر بإذن الله، فأستأذنكما أن تتابعا إلى وقت طرح هذا الموضوع بإذن الله بعد قليل، لأن عندنا محاور، وما ذكرتما من المحورين هما في ثنايا الحديث.